بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد
العباءة والخدع العقلية ..
عبد العزيز بن عبد الرحمن اليوسف
حفزني لكتابة هذا المقال عدد من الرسائل وردتني منذ مقال كتبته سابقا عن العباءة, ولمشاهدتي برنامجا في قناة خليجية عن موديلات جديدة للعباءة التي أرجو ألا تصل إلى بلادنا. كانت موديلات لا أعرف كيف أصفها فلا تكاد تعرف أنها عباءة إلا عند حديث المذيعة ظهر فيها السواد أقل بكثير من تلك البقع الكبيرة الملونة, والإضافات المتناثرة, والأكمام المنمقة, والتوسيعات والتضييقات المختلفة وفي كل بقعة في العباءة تمت إضافة فتحات من الخلف وعلى الجنب وإضافة أقمشة شفافة من جهات أخرى. لن أصف ما شاهدته لكني تعجبت من إطلاق مصطلح عباءة على مثل تلك الأزياء الملونة والمشوهة، فإن كانت تلك عباءات فما شكل الفساتين والجلابيات النسائية؟
العباءة (خصوصا عباءة الرأس) تمثل رمزا دينيا وعرفا في مجتمعنا المحافظ. ومن المعروف أن شكل العباءة تنوع وتغير. فعباءات الأمهات والجدات وفتيات الزمن الأصيل تمرد عليها بعض نساء الحاضر باتخاذ أشكال غريبة وعجيبة سمّينها عباءات رصعت بالتطرير, والتزيين, والبهرجة, والزركشة فغدت العباءة مظهرا جماليا, وشكلا تفاخريا, ونوعا من الجلابيات,
فأصبح تغيّر شكل العباءة عند بعض النساء تغيرا في مفهوم ومعنى لبسها من ساتر وغطاء للجسد إلى مجال للتجمل, والتفاخر, وجذب الانتباه فقد تحول المعنى كما تحول الشكل, ثم صار بعض النسوة يسخرن, ويعبن الشكل التقليدي المتعارف عليه للبس العباءة, وينتقدن طريقة لبسها ويصفن من يلبسها بالرجعية والتخلف, ويعتبرنه رمزا لزمن القيد والسيادة على المرأة ويزعمن أنه مانعا هزيلا عن الحرية المفروضة التي سلبها الرجل منها فتكثفت العقد العقلية في أذهان بعض الفتيات بأن لبس العباءة على الرأس سوف يقلل شخصياتهن ويجعل مراتبهن تتراجع في قائمة الجمال.
ولم تقف المسألة عند هذا الحد بل رفض هؤلاء النساء المتمردات على لبس العباءة أن يعيب عليهن أحد ما يلبسنه لأن لهن مطلق الحرية فيما يلبسنه سواء لافتا, أو مطرزا, أو ضيقا, أو شفافا وهنّ يحملنّ خدعة عقلية أخرى تسمى ( أهم شئ الأخلاق والثقة ).
للفتاة أن تلبس ما تشاء ولأي شخص يراها أن يقول في داخله عنها ما يريد. من حقها أن تبدو كما تريد لكن لا تستطيع منع أحد من تكوين انطباعات سيئة أو حسنة عنها.
هل من المعقول أن تأتي فتاة تلبس في شارع أو سوق مكتظ عباءة مخصّرة, ومزرّكشة, وضيّقة, ولثاما, وأصباغا, وعطورا وتقول : لن أسمح لأحد بأن يصفني بفتاة غير محافظة ولا أسمح لأحد بأن يشكك في!! هل أصبح لبس عباءة الكتف, وتطريزها, وتزيينها أمرا عاديا؟ أم لافت ؟ ومتى وأين تؤخذ زينة المرأة ؟
من الجور أن يُحكم على ماهية امرأة من نوع العباءة وطريقة لبسها، فأحيانا لا يعكس ظاهرها حقيقتها الباطنة، لكن دوما هناك مؤشر وملمح يسهم في أخذ انطباع أولي, فإن التزمت إحداهن بظاهر الستر وتمامه بلبس عباءة محافظة فهذا أمر مفروض فهي أدت ما يجب عليها ظاهرا أما الباطن والنوايا فعلمها عند الله فلا يعني أن نفرط ونتهاون في الظاهر والشكل لفرض فكرة أن اللبس لا يعني حقيقة الشخص والمهم هو جوهره لا مظهره فيقع في ذواتنا بعض الخدع العقلية ( وذكرت إحدى الأخوات أن المرأة المحافظة تبقى محافظة حتى لو مشت من غير عباءة ). مكابرة نفسية .. يقول تعالى (وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون ) الأنعام 120.
هناك من يستثقل لبس العباءة على الرأس ويتحجج بثقلها وصعوبة حركتها وإعاقة مشيها. خدعة عقلية أخرى وهي أن قطعة قماش تعيق (لو أنه قدر معدني ملئ بالماء أجل ) الاتزان في العقل والقلب والحس مطلب إيماني وليس هناك ما يعيق إلا تلك العقد الذاتية, والظنون الخائبة. حكم وفضائل الدين تشوهت وغابت ملامحها في عصر الغزو الفكري نتاج فئات من النساء وهنّ قلائل صرنّ شخصيات قلقة, غير واعية, فاقدة للتمييز بين الحق والباطل.
ختام القول : عباءة رأس أم عباءة كتف .. كل عاقلة خصيمة نفسها ولها أن تختار ما تشاء وتتحمل تبعات اختيارها دنيا ودينا، لكن المشكلة أكبر من العباءة وطريقة لبسها.
فالمشكلة أن هناك تبدلا وخدعا عقلية مسيطرة على بعض الفتيات في فهمهن الواقع الديني, وفي رؤيتهن أنفسهن, وحاجاتهن, وحقوقهن, وهناك تأثر كبير, وتبعية مفرطة لكل ما هو جدلي و حداثي. أتمنى ألا تتحول مفاهيم وحكم أخرى في الدين إلى متاهات فكرية وضعية فتحول المرأة نفسها إلى واقع آخر بعيد عمّا يجب أن تكون عليه كما تحول شكل العباءة.
في سنوات سابقة " علي أيام عباءة الرأس" : كان أحد علماء الدين المجتهدين في إحدى الأقطار الإسلامية،، يدرس طلبة العلم عن الحجاب الإسلامي،، فسأله أحد الطلبة الأحسائيين عن حجاب نسائنا في الأحساء
أجاب المجتهدبعبارة من المفترض أن تخلد : " إنما نساؤكم ملائكة تمشي على الأرض"
المرجع لله
حسبي الله و نعم الوكيل
سأظل متمسكاً بمنهجي الفاطمي الزينبي دائماً